حاورت السباك
واليوم أحاور النجار
قلت : دققت على رأسي بقادومك ومسمارك من الصباح إلى المساء ، فما استطعت أن أكتب حرفا أيها الحرفي
قال : هذه حرفتي ، وأنا أعمل في شقتي ، لأني أجددها وأطورها كما تطور حرفك وكلماتك
قلت : كدت تخترق الجدار بدقك العالي ، وخشيت على أثاثي المتهالك الذي لازمني منذ زواجي طوال الأربعين عاما الماضية
ضحك صديقي الحرفي وقال : يا رجل ارمٍ به في الشارع وأصنع لك غيره على ( الموضة ) أثاثا ( مودرن ) !!
سألته وأنا أفكر فيما قال لكثرة إلحاح زوجتي عليَّ بتغيير( العفش ) : وكم يكلفني ذلك يا جاري العالي الساكن فوقي ؟
أجابني : إن كنت ستجدد ما عندك فلن تفقد كثيرا من مدخراتك !!
خمسة آلاف فقط تصبح حجرة الصالون جديدة تماما ومعها كراسي السفرة من أجل جيرتنا
قلت : لا بد أنك تمزح ، وإذا كنت ستصنع لي غيرهما فماذا ستطلب إذن ؟!!
أجاب : لا تحمل هما يا جاري العزيز ، يمكنك أن تشتري أنت الأوائل وسوف آخذ منك أقل مصنعية على حرفتي
والأوائل في مهنتي أو حرفتي هم المهرة من الطلاب ، والإبداعات التي نالت جوائز من حرفي وكلماتي وتأليفي في الشعر والنثر
أما عند صاحبنا الحرفي ( النجار ) فيعني بها : جميع ما يتطلبه صنع حجرة الصالون والسفرة والمطبخ وحجرة النوم
؛أي جهاز لعروس جديد ؛ ودار في رأسي ما دفعه والدي في مهري يوم زواجي وثمن جهازي العتيق المصنوع في دمياط
لم يكن يتعدى الخمسة آلاف جنيه بأي حال من الأحوال
وانتظرت رده على سؤالي عن قيمة الأوائل ومقدار المصنعية التي سيطلبها
وبعد أن دعوته على فنجان شاي بالنعناع الذي يحبه عندما يزورني في المناسبات كالأعياد أو عيادتي وأنا مريض
قلت له وزجتي تسمع من داخل المطبخ الحوار : بالله عليك أن تخبرني عن التكلفة بالضبط بعد أن عاينت الجهاز القديم
قال : سوف آخذ منك عشرة بالإضافة إلى هذا الخشب القديم الذي لم يعد له قيمة وأصبح ( روبابيكيا )
الأهم يا صديقي : الأوائل
قال : تقريبا تدخل العملية في ثلاثين ( بالميت )
قلت : ومن غير الميت هههههههههههه
ضحكنا وسمعت زوجتي تقول : ماشي يا معلم إن شاء الله ياترى متى تنتهي من العملية على قدر استطاعتك ؟
قال الحرفي الماهر : كلها أسبوعين أصل أنا فاضي لكم إن شاء الله ما عليكم إلا أن تقبضوني العربون
ويأتي الأستاذ معي لنشترى الأوائل
وبعد أن خرج أمسكت في خناق زوجتي ، وأقسمت أن هذا الموضوع لن يتم مرة واحدة لأنه سيقصم ظهري
علينا أن نجدد حجرة الصالون وكراسي السفرة هذا العام فقط
ويحيينا ربنا للعام القادم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق